ظاهرة "بوجلود" في المغرب: بين رافض لها ومتشبت بها

أحياء أكادير تحتفل ببيلماون (بوجلود)


بقلم سعيد لبحيري ـ بتاريخ :٢٤/٠٦/٢١

تعتبر ظاهرة "بوجلود" أو "بيلماون" تقليدًا شعبيًا راسخًا في الثقافة المغربية، خاصة في منطقة سوس الأمازيغية، حيث يرتدي الشباب جلود الأضاحي ويجوبون الشوارع في جو احتفالي صاخب خلال أيام عيد الأضحى. وعلى الرغم من أنها تحمل دلالات ثقافية وتراثية عميقة، إلا أنها تثير جدلاً واسعًا في المجتمع المغربي، بين مؤيد يعتبرها جزءًا من الهوية الثقافية، ومعارض يراها سلوكًا همجيًا يتعارض مع قيم المجتمع الحديث.

الأبعاد الثقافية والتراثية:

يرتبط "بوجلود" ارتباطًا وثيقًا بالثقافة الأمازيغية وتراثها العريق، حيث يُعتقد أنه يعود إلى عصور قديمة، ويرتبط بطقوس الاحتفال بقدوم فصل الخريف ووفرة المحاصيل. ويرى البعض أن هذه الظاهرة تعكس علاقة الإنسان الأمازيغي بالطبيعة والحيوان، وتجسد قيم الشجاعة والقوة والخصوبة.

الأبعاد الاجتماعية والنفسية:

يعبر "بوجلود" عن فرحة العيد وبهجته، ويخلق جوًا من المرح والتضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع. كما يوفر متنفسًا للشباب للتعبير عن طاقاتهم المكبوتة وإطلاق العنان لمشاعرهم في إطار احتفالي شعبي.

الجدل والانتقادات:

تواجه ظاهرة "بوجلود" انتقادات حادة من قبل بعض الفئات في المجتمع المغربي، الذين يرون فيها ممارسة همجية وعنيفة، وتنم عن عدم احترام للحيوان. كما يعتبرونها سلوكًا فوضويًا وغير حضاري، يتعارض مع قيم المجتمع الحديث والتوجهات العالمية نحو الرفق بالحيوان.

التحديات والحلول:

تواجه ظاهرة "بوجلود" تحديات كبيرة في ظل التغيرات الاجتماعية والثقافية المتسارعة التي يشهدها المغرب. فمن ناحية، هناك ضغوط متزايدة للتخلي عن هذه الممارسة أو تعديلها بما يتناسب مع قيم العصر. ومن ناحية أخرى، هناك أصوات تدعو إلى الحفاظ على هذا التراث الشعبي باعتباره جزءًا من الهوية الثقافية للمغرب.

ولعل الحل الأمثل يكمن في إيجاد توازن بين الحفاظ على التراث الشعبي وتطويره بما يتناسب مع قيم العصر، من خلال تنظيم هذه الظاهرة وتأطيرها، وتوعية الشباب بأهمية الرفق بالحيوان والمحافظة على البيئة.

في الختام، يمكن القول إن ظاهرة "بوجلود" هي ظاهرة ثقافية واجتماعية معقدة، تحمل في طياتها أبعادًا متعددة ومتشابكة. ولا يمكن فهمها أو التعامل معها بمعزل عن سياقها الثقافي والتاريخي. ومن المهم أن يتم تناول هذه الظاهرة بالحوار والنقاش الهادئ والبناء، بعيدًا عن التجاذبات الأيديولوجية والسياسية، بهدف الوصول إلى حلول توافقية تحافظ على التراث الشعبي وتضمن احترام قيم العصر.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

L'engagement de l'écrivain

Communication animale et langage humain